عرض المقال
لماذا يكفرون سعد هلالى؟
2013-06-20 الخميس
الحملة البشعة والهجوم المنظم الذى يُشن على د.سعد هلالى، أستاذ الفقه المقارن، والعالم المستنير، والقامة الملاقة، والبصمة المميزة، والسماحة المتفردة، تدل على أن المعركة الحقيقية على الساحة الآن ليست معركة بين إسلام وكفر ولكنها بين إسلام وإسلام، مفهوم إسلامى يحترم العقل والاختيار والحرية، ومفهوم إسلامى آخر يتبنى القمع والقهر والوصاية، مفهوم يخدم الدين، وآخر يستخدم الدين، آخر موجات هذا الهجوم العاتية ما نشرته مجلة الأزهر فيما يشبه المؤامرة على هذا الرجل، رسالة اغتيال معنوى وتكفير مستتر يسلم هذا الفقيه المسالم إلى أقرب عابر سبيل مزيف وعيه ليحول هذا التكفير إلى سكين أو كلاشينكوف، تقرير كتبه للأسف المفتى السابق على جمعة عن كتاب هلالى الرائع «الإسلام وإنسانية الدولة» ونشره د.محمد عمارة، رئيس التحرير، بعناوين ملتهبة متربصة، شرفنى د.سعد هلالى بإرسال الرد الذى أرسله للمجلة وهو رد مفحم أتمنى أن يضاف إلى الطبعة الجديدة للكتاب الذى يتمنى تيار الإسلام السياسى أن يصادره، الرد طويل ولكنى سأختار بعض الفقرات التى شرحت الأسباب الخفية لهذا الهجوم البشع على شخص هذا العالم الوقور، الحقيقة أن الخطر الذى يمثله سعد هلالى هو أنه سيسحب البيزنس والوصاية من الدعاة والشيوخ ويحرر عقل من يسمونهم العامة ويمنحهم حرية الاختيار بين الآراء الفقهية التى تحترم تغير الزمن ومقاصد الشريعة.
يرد د.هلالى على قول التقرير المنشور عن أن الإسلام جعل أهل الذكر فى الأزهر ونحوهم مرجعية دينية قائلاً: «وهذا ما ننفيه قطعاً، فليس فى الإسلام رجال دين وإنما فيه رجال فقه وعلم، وسيتضح من مناقشة المآخذ أن الكتاب المكلوم يشتمل على لطائف فقهية يؤتيها الله لمن يشاء، كما قال تعالى: «يؤتى الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيراً كثيراً» (البقرة: 269)، وأخرج الشيخان عن ابن مسعود أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا حسد إلا فى اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته فى الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها».
يرد د.سعد هلالى على تأييد التقرير لاستخدام الشعارات الدينية كما قيل بموضوعية لا عاطفية.
قائلاً: «إذا كانت الشعارات الدينية المذكورة حقاً فى ذاتها فلماذا يمنع التقرير استخدامها؟ وإذا كان الخوف هو فشل مستخدمى تلك الشعارات فى تحقيق ما يصبون إليه وهذا ما يعرض الفكرة الإسلامية كلها للخطر -حسب قوله- فهل إذا نجح مستخدمو تلك الشعارات كان النجاح منسوباً للإسلام أو منسوباً للقائمين على الأمر؟ إن الإسلام لا يوصف بالنجاح ولا بالفشل فهذه صفات بشرية. أما الإسلام وهو دين الله تعالى الذى ارتضاه للإنسانية ديناً ووصفه بالكمال فهو كما ذكرت فى كتابى ونقله التقرير دون استيعاب: «يؤهل صاحبه لكى يكون رجل دولة ومبرمجاً للمناهج وحلالاً للعقد». بحيث إذا نجح الإنسان أو فشل نسب نجاحه أو فشله لذاته.
يرد د.سعد هلالى على قول التقرير إن أهل الذكر من حقهم فرض آرائهم، فيقول: خلط التقرير بين حق الاجتهاد وبين حق الاختيار الفقهى. أما الاجتهاد فلا يقبل إلا من أهله القادرين عليه. وأما الاختيار من بين أقوال المجتهدين فهذا حق للعامة؛ إذ لا يجوز لفقيه أن يسيطر على أحد لمجرد أنه مجتهد، فالاجتهاد لا يعطى لصاحبه حق الولاية أو الوصاية على الغير؛ لأن الإسلام حرر جميع الناس: المجتهد بحسب قناعة نفسه، وغير المجتهد بحسب اطمئنان قلبه من أقوال الفقهاء؛ لحديث وابصة الذى أخرجه أحمد بإسناد حسن، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له: «استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك». وهذا يستوجب علينا رفض الأسلوب المقترح فى التقرير الذى يجعل جماعة بشرية أخرى يطلق عليها «أهل الذكر» لتكون سلطة دينية، لأنه يلغى الحق الشرعى فى الاختيار الفقهى، ويجعل أهل الاختيار أسرى فى يد أهل الذكر يتخطفونهم.